لا إِله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة

Wednesday, September 17, 2008

تشييع مصر خط أحمر



موقع القرضاوي/15-9-2009
بقلم / حمد الماجد
تحذيرات صريحة وجريئة من التمدد الشيعي في الدول السنية أدلى بها مؤخرا الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لصحيفة «المصري اليوم»، ولو أن هذا التصريح صدر من غير القرضاوي لم يكن له هذا الزخم والصدى، ليس لمكانة القرضاوي العلمية وشهرته في العالم العربي والإسلامي فحسب، ولكن لأن القرضاوي يمثل مدرسة «متسامحة» جلبت عليه الكثير من النقد، الذي يصل أحيانا إلى حد التجريح، فهل تعني الآراء الصريحة للقرضاوي «المتسامح» أن الخطوط الحمراء السنية قد اقتحمها غزو الفكر الشيعي وأن السكين الشيعية وصلت العظم؟
إن المطلع على تصريحات القرضاوي الأخيرة لا يحتاج إلى كبير عناء ليخلص إلى أن الذي «استفز» الشيخ القرضاوي ليدلي بهذه التصريحات الشفافة، هو تحول عدد من المصريين السنة إلى التشيع، لقد كانت الإحصاءات في مصر إلى بضع سنوات خلت تقول إن مسلمي مصر سنيون مائة في المائة، ولم تستطع الأيدلوجية الشيعية أن تخترقها حتى في عهد الحكم الفاطمي الشيعي، وفي الآونة الأخيرة أثمرت الجهود الشيعية «التبشيرية» المكثفة، التي ترعاها إيران وحوزاتها العلمية في تشيع عدد من المصريين، وصل عددهم إلى الألوف أو ربما عشرات الألوف، يستترون وراء أكثر من 76 طريقة صوفية، كما أكد ذلك لموقع «العربية» محمد الدريني أحد قياديي الشيعة المصر يين.
المشكل هنا أن عددا من المراجع والرموز الشيعية، سواء كانت علمية أو فكرية، تمارس خطابا متناقضا، فهي أحيانا تدعو إلى الوحدة بين المسلمين ورص الصف تجاه العدو المشترك وتناسي الخلافات، وتنقم على بعض التوجهات السنية إحياء الطائفية إذا هي تحدثت عن التمايز العقائدي بين الطائفتين، بحجة أن الفئتين مسلمتان ليس بينهما خلاف في الأصول، ولكنها في أحيان أخرى تمد أذرع التشيع وشبكته العقائدية والفكرية في دول هي سنية خالصة، ويدعم هذا الجهد ميزانيات مالية ضخمة بغية وضع موطئ قدم عقائدي يهيئ في المستقبل لقدم سياسية، ولو أن من يقف وراء الجهود التبشيرية للتشيع في مصر يعتبر المصريين مسلمين حقا وحقيقة لما وجه جهده «التبشيري» لهذا البلد المسلم ولكانت جهوده موجهة للوثنيين والملحدين وأتباع الملل والنحل الأخرى في أقصى العالم وأدناه.
أذكر أني التقيت في لندن مفكرا تونسيا يعتبر أحد رموز الحركة الإسلامية التونسية، وكان متعاطفا مع ثورة الخميني، لدرجة أنه اعتبر الخميني أحد مصلحي هذا القرن، يقول لي إنه في غمرة اللقاءات الحماسية المتبادلة بين ممثلي الثورة الإيرانية ورموز حركته (لحشد الجهود ضد العدو المشترك!) لاحظ استغلالا خفيا لهذا التواصل فشرعوا في بذر حركة التشيع في تونس، وهي بلد سني خالص! وانه قال للإيرانيين بلغة حازمة حاسمة إننا تسلمنا هذا الإرث من علمائنا وأسلافنا ولا يمكن أن نفرط فيه ولا نساوم عليه.
لا بد أن يدرك علماء الشيعة وحوزاتها وقادة الرأي فيها والعقلاء منهم أن التسويق للعقيدة الشيعية في الدول الإسلامية السنية الخالصة هو تسويق للمشاكل وبذر لأسباب الفتنة، إذ يكفينا الدول التي يختلط فيها وابل الشيعة بنابل السنة في العراق وباكستان ولبنان، حيث يوقد متطرفو الفئتين نيران الفتنة الطائفية، كلما خبت زادوها سعيرا، يجب على عقلاء الشيعة أن يوقفوا جهود «التبشير» الشيعية في الدول الإسلامية، والشيعة هم المستفيد الأول لأن منافسة الشيعة للسنة في دول أو مناطق لا وجود للشيعة فيها أصلا يخلق شعورا بالمرارة ضدهم، كما أن مثل هذه الأجواء تهيئ مناخا خصبا للعداوة ضد طائفة هي في النهاية لا تشكل أكثر من 10% من المسلمين، هذا ناهيك من خسارة الأصوات المعتدلة المتسامحة، كما حدث للشيخ القرضاوي، الذي اتهموه هو الآخر بالطائفية فقط لأنه انتقد صراحة محاولات تشييع بلاده التي عرفت على مر التاريخ بالانتماء الكامل للمذهب السني.

حرب العاشر من رمضان



د.يوسف القرضاوي
من أهم ما حدث في شهر رمضان المبارك: ما فاجأنا وفاجأ العالم كله من حدث اهتزت له القلوب طربا، وابتسمت له الثغور فرحا، ولهجت به الألسنة ثناء، وسجدت الجباه من أجله لله شكرا.
إنه الحدث الذي عوضنا عما فوجئنا به من قبل في الخامس من حزيران (يونيو) 1967، والذي خسرت به الأمة ما خسرت، وكسبت إسرائيل ما كسبت، وضاعت به -إلى اليوم- القدس والضفة والقطاع والجولان، بالإضافة إلى سيناء التي استردتها مصر فيما بعد.
وهذا الحدث الذي أحيا الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، بل الأمة الإسلامية من المحيط إلى المحيط، هو: حرب العاشر من رمضان، وأنا أحب دائما أن أسميها معركة العاشر من رمضان، وليس السادس من أكتوبر؛ لأن شهر رمضان ونفحاته وبركاته وإمداداته التي هبت نسماتها على الجنود والصائمين والمصلين كان له أثره في تحقيق النصر، وإمداد المقاتلين بشحنة إيمانية دفعتهم إلى البذل والفداء، أما أكتوبر، فليس له أي إيحاء أو دخل في هذا النصر.
ما زلت أذكر هذا اليوم المشرق، وقد خرجت من درس العصر في مسجد الشيخ خليفة، فإذا الأنباء المبشرة تستقبلني، وإذا الهواتف تدق ولا تتوقف، للاتصال بي من هنا وهناك، مهنئة بما وقع، شاكرة لله تعالى، الذي صدق وعده، وأعز جنده، وهزم الظالمين وحده.
في أول الأمر خفت أن نكون مخدوعين، كما خدع كثيرون أيام نكبة 5 يونيو 1967، فقد كانت القاهرة تذيع الأكاذيب على الناس، وتخدرهم بأخبار لا أساس لها: طائرات إسرائيلية تسقط بالعشرات، والحقيقة أن طائراتنا هي التي ضُربت في مدرجاتها، ولم تطر حتى تسقط، ولكن كانت الشواهد كلها تؤكد أن هذه حقيقة وليس حلما، وأنه واقع وليس من نسج الخيال.
ألا ما أحلى مذاق النصر، وخصوصا بعد تجرع مرارة الهزيمة المذلة من قبل! وللأسف طالت هزائم الأمة في معارك شتى، وذرفت الدموع كثيرا على هزائمها، حيث لم تغنِ الدموع، وآن لها أن تجد مناسبة تفرح بها بعد حزن، وأن تضحك بعد طول بكاء.
لقد عبر الجيش المصري القناة، صنع قناطر أو جسورا للعبور عليها، مكونة من أجزاء، تُركب في الحال، ويوصل بعضها ببعض، فتكون جسرا فوق الماء تعبر فوقه المصفحات والمجنزرات والدبابات إلى البر الآخر، وقد بدأ بالعمل فيها منذ سنوات، ثم بدأت تجربتها، والتدريب عليها منذ شهور، في تكتم وسرية بالغة، وهذا عمل مصري خالص، لم يشترك فيه خبراء أجانب، ولهذا حفظ السر، ولم يبح به أحد.
بعد عبور القناة بسلام وأمان ونجاح، اقتحمت القوات المصرية ما عُرف باسم خط بارليف، الذي أقامته إسرائيل؛ ليكون حاجزا ترابيا بعد الحاجز المائي، وكانت العدة قد أعدت لتخطيه بإحكام ومهارة.
وكان كل شيء مُعدا بجدارة وأناة وحكمة، ولم يكن هناك شيء مرتجل، وقام كل سلاح بدوره: سلاح المهندسين، وسلاح الفرسان والمدرعات، وسلاح الطيران، كل قام بما هيئ له، وما كلف به.
وقد اختير التوقيت المناسب لبدء المعركة، وكان رمضان هو الوقت الملائم نفسيا وروحيا، لما يمد به الجنود من نفحات، وما يعطيهم من شحنة روحية، وكان أكتوبر مناسبا، من حيث المناخ، وليس فيه حرارة الصيف، ولا برد الشتاء.
وكان الوقت مناسبا من ناحية أخرى: أنه يوم الغفران، أو عيد الغفران عند اليهود، فلننتهز غفلتهم وانهماكهم في الاحتفال بالعيد، لنفاجئهم بضربتنا، كما فاجئونا بضربتهم في يونيو 67.
ولا يقال: كيف نباغتهم ولا ننذرهم؟ فمثل هذه الحرب لا تحتاج إلى إنذار ولا إبلاغ؛ لأنها حرب دفاع للمحتل، وهي مستمرة معه لم تتوقف.
وأهم من هذا كله: الروح المعنوية التي كان يحملها المقاتل المصري.. إنها روح الإيمان؛ الإيمان بالله تعالى، وأنه ينصر من نصره، والإيمان بأننا أصحاب الحق، والحق لا بد أن ينتصر، والباطل لا بد أن يزهق )وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا( (الإسراء: 81).
فرق بين حربَين
وفرق كبير بين هذه الحرب وحرب يونيو 67، فقد كان العنصر الإيماني والروحي مغيبا عنها تماما؛ لذلك لم يحالفها النصر.
كانت كلمة السر في حرب 67: "بر بحر جو"، ولكن الواقع يقول: إنهم لم ينتصروا في بر ولا بحر ولا جو، ولم يكن الذنب ذنب الجيش وجنوده، ولكن ذنب القادة الذين جروهم إلى حرب لم يخططوا لها، ولم يعدوا لها العدة، ولم يأخذوا لها الحذر، كما أمر الله.
لقد ترك الجنود أسلحتهم، وتركوا دباباتهم ومصفحاتهم، لم يحاولوا أن يشعلوا فيها النار بعد أن تركوها، حتى لا يغنمها العدو ويستفيد منها؛ لأن هم كل واحد منهم كان هو النجاة بنفسه، واللياذ بالفرار.
لقد اعتمدوا على الآلات، فلم تغنِ عنهم الآلات، واتكلوا على السلاح فلم ينجدهم السلاح؛ لأن السلاح لا يقاتل بنفسه، إنما يقاتل بيد حامله، ويد حامله إنما يحركها إيمان بهدف، وإيمان برسالة، وهذا لم يعبأ به الجنود.
يقول أبو الطيب:
وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ... إذا لم يكن فوق الكرام كرام!
ويقول الطغراني في لاميته:
وعادة السيف أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل!
ماذا تجدي خيل بغير خيال، وفرس بغير فارس، وسيف صارم بغير بطل؟!.
فلا عجب أن كانت الهزيمة الثقيلة المذلة في 67؛ فهذه نتيجة منطقية لمقدمتها، كما قال العرب: إنك لا تجني من الشوك العنب، وصدق الله إذ يقول: )وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا( (الأعراف: 58).
سُئل الرئيس حسني مبارك، عندما كان نائبا للرئيس السادات في 27-9-1975، سأله بعض الصحفيين: ماذا أخذنا من دروس 67 في الإعداد لقتال 6 أكتوبر؟ قال: باختصار.. في 67.. لا تخطيط.. لا إعداد.. لا تدريب.. لا تنسيق بين العمل السياسي، والعسكري. اهـ.
وأهم من ذلك: أننا لم نزود جنودنا بالإيمان، في حين تجتهد إسرائيل أن تزود جيشها بتعاليم التوراة، وتوجيهات التلمود، ونصائح الحاخامات.
وكان من ثمرات محنة 67: أنها أيقظت في الناس المعنى الديني، والضمير الديني، والرجعة إلى الله، وبدأت حركة إيمانية قوية في القوات المسلحة، وكان الحرص على إقامة الصلاة، وقام وعاظ الأزهر بدورهم في التنبيه والإحياء، وكان هناك شعور عام بالحاجة إلى الله، والدعاء بنصر الله، فلا غرو أن كان شعار المعركة "الله أكبر".
إن الجندي المصري في 73 هو نفسه في 67 من حيث الشكل والمظهر، ولكنه غيره من حيث الباطن والجوهر، إن الإنسان إنما يقاد من داخله، لا من خارجه، ولا يقود الناس في بلادنا شيء مثل الإيمان، ولا يحركهم محرك مثل الإيمان.
وهذا ما لم تفهمه قيادة 67، فقد عزفوا على منظومة القومية، ومنظومة الاشتراكية، ومنظومة الثورية، فلم تحرك ساكنا، أو تنبه غافلا في الجندي المصري، أو الجندي العربي عموما.
ولكنك إذا حركته بـ"لا إله إلا الله والله أكبر".. إذا رفعت أمامه المصحف، إذا قلت: يا ريح الجنة هبي، إذا ذكرته بالله ورسوله، وذكرته بالأبطال العظام: خالد وأبي عبيدة وسعد وطارق وصلاح الدين وقطز وعبد القادر الجزائري، وعمر المختار -فقد خاطبت جوانيته، ودخلت في أعماقه، وأوقدت جذوته، وحركت حوافزه، وبعثت عزيمته، وهنا لا يقف أمامه شيء، إنه يصنع البطولات، ويتخطى المستحيلات؛ لأنه باسم الله يتحرك، وباسم الله يمضي، وعلى الله يتوكل: )وَمَنْ يَتَوَكلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ( (الطلاق: 3)، )وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ( (آل عمران: 101).